النمو العقلي للطفل كَيْفَ تحافظ على عقل طفلك سليمًا

من السهل ملاحظة النمو الجسدي للطفل من قبل أي أب أو أم، ولكن ماذا عَنّْ النمو العقلي للطفل بعد فرحة الولادة، تبدأ مرحلة جديدة فِيْ حياة الوالدين بمولود جديد، وعقله وقلبه كصفحة بيضاء تعكس أبسط ما تكتب عليه. ويبدأ تتبع التطور العقلي للطفل مما سبق، من لحظة الولادة، عَنّْدما يمتص الطفل كل ما يدور حوله من المشاعر الداخلية للوالدين ونظرات أعين من حوله، وعلى هذا الأساس يفسر العالم ضاحكا أو صراخا وبكاء. الرد على المتغيرات من حوله وبعد السنة الأولى يكون الطفل قد استوعب كل المشاعر الإنسانية، حتى لو لم يستطع التعبير عَنّْها بلغة ؛ ليس لديها ما يكفِيْ من المصطلحات.

دليل للآباء حول كَيْفَِيْة متابعة النمو العقلي للطفل

أهمية البدايات

تؤثر البذور التي تُزرع فِيْ عقل الإنسان وضميره منذ الطفولة على سلوكه ونظرته للعالم بعد ذلك، والتي يمكن رؤيتها بسهُولة عَنّْد التعامل مع الأطفال.

ولعل أهم نصيحة يقدمها الوالدان فِيْ السنوات الثلاث الأولى هِيْ إعطاء الطفل أكبر قدر ممكن من الحنان، حيث يستكشف الطفل العالم من حوله من خلال الفضول، وحتى أخطائه فِيْ هذه المرحلة، النابعة من حب التجريب والمعرفة. عَنّْ جهل لا عَنّْاد أو خطأ متعمد. من المفِيْد هنا شراء ألعاب للطفل لتجميعها وتفكيكها وحتى كسرها ؛ حيث تبدأ حواس الطفل فِيْ التطور ويبدأ عقله فِيْ تسجيل العلاقة بين الأشياء والأشخاص والأصوات والمشاعر، بعد السنة الأولى من الولادة نلاحظ اهتمام الطفل بالأصوات ومصدرها.

من المهم أيضًا التأكد من غرس القيم الحميدة والأخلاق الرفِيْعة لدى الطفل منذ صغره، لتجنب الانفعالات أو الجدال أمامه، وتعليم الطفل العادات الصحيحة فِيْ اللبس والأكل والشرب، والتعرف على حسن و الشر ومساعدة الناس.

أخطر ما يهدد نمو الطفل العقلي هُو اضطراب حواسه وحركته وقدرته على الإبداع والتفاعل مع الناس، ويتحقق ذلك عَنّْدما يجلس الطفل أمام التلفاز والراديو والكَمْبيوتر. وغيرها من الأجهزة الحديثة التي تعتمد على إلقاء المعلومات فِيْ ذهن الطفل دون رده، بحيث يتوقف عقله عَنّْ الاختراع ومحاولة شرح ما يدور حوله فِيْ المنزل أو فِيْ الشارع.

الاختلاط بالأطفال

أسرع طريقة لزيادة نمو الطفل العقلي هِيْ إدراجه بين الأطفال فِيْ نفس العمر، وبفضل ذلك يتعلم منهم بسرعة ويسهل كسر حاجز الخوف، على عكس الجلوس مع الكبار، حيث يخشى الطفل قبول المواقف الجديدة. بحجة أنه لا يزال صغيرا.

كَمْا تساعده مشاركة اللعب والحركة مع الأطفال الآخرين فِيْ تقوية عضلات جسمه وتعليمه مهارات جديدة مثل أساسيات القراءة والكتابة والنطق ويفتح عينيه على مجالات غير معروفة من الحياة، وهنا من المهم أن يتحدث الوالدان مع أطفالهما بعد اللعب؛ لتصفِيْة الأفكار السلبية التي قد يلتقطها الطفل من أقرانه، يجب أن تتم المناقشة بطريقة هادئة وغير عقابية وليس فِيْ شكل استجواب ؛ حتى لا يعتاد الطفل على الكذب أو إخفاء المعلومات عَنّْ الأسرة.

ممنوع ضرب الطفل بأي شكل من الأشكال حتى سن السادسة، لكن يكفِيْ تحذيره ووقايته من الخطر ومحاولة احتلاله بشيء آخر وإيجاد بدائل له ليحتل نهاره، لأن الهدف الأساسي لطفل فِيْ هذه السنوات هُو اللعب وليس استفزاز الآخرين من حولي.

صناعة القرار

بعد سن السادسة أو السابعة، يجب على الآباء مشاركة بعض القرارات البسيطة مع أطفالهم ؛ حتى يعتاد الطفل على إبداء رأيه وتحمل المسؤولية والتفكير فِيْ العواقب والعواقب قبل اتخاذ القرار، على سبيل المثال، إعطاء الطفل الحرية فِيْ اختيار الملابس، واختيار ألوان الحقيبة المدرسية، وتكليف الطفل بتنظيف ملابسه. الأحذية أو وضع الملابس النظيفة بعيدًا عَنّْ الآخرين.

يستغرق الطفل عدة سنوات ليدرك أهمية المال وحدوده وما لا يستطيع شرائه وكَيْفَِيْة التحكَمْ فِيْه ومشاركته، وهنا تظهر أهمية مصاريف الطفل الشخصية أثناء الدراسة، لأن الطفل يقضي ما يقارب نصف اليوم بعيدًا عَنّْ الأسرة، يتسوق الطعام والشراب ويقسم شراء ضرورياته بالساعات. يدرس ويعرف الفرق بين البضائع ونوعيتها وغير ذلك من ضروريات العمل البسيطة التي يحصل عليها من زملائه وعَنّْ طريق التجربة والخطأ.

يعمل الأطفال

يعرف الكبار أهمية العمل والقيم التي يكتسبها الفرد من خلاله، بالإضافة إلَّى أهمية الحصول على المال ومعرفة مصادره والتعامل مع مجموعات مختلفة من الناس مثل العملاء والزملاء وما إلَّى ذلك. لم يكتمل بعد مما يؤثر على نمو الطفل العقلي ويجعل من المستحيل عليه تحمل ضغوط كبيرة فِيْ المستقبل.

قد يُعهد إلَّى الطفل قبل المراهقة بالتسوق فِيْ المنزل أو التنظيف أو أي عمل دائم لا يوجد فِيْه ضغط عصبي، أو فِيْ حالة عدم وجود الوالدين، يمكنه المتابعة والتعلم مع إخوته الصغار.

كرامة الأطفال

يتطلب إعداد الطفل للحياة فِيْ المجتمع ترسيخ مفاهِيْم الكبرياء والكرامة والثقة بالنفس فِيْ جميع الأوقات. لتطوير والقدرة على الحصول على وظيفة ممتازة فِيْ المستقبل وتكوين أسرة معًا.

إن إهانة الطفل أو اتهامه أو توبيخه، خاصة أمام الآخرين، يؤثر على نمو الطفل العقلي لاعتقاده أنه غير مرغوب فِيْه وغير قادر على التصرف فِيْ المواقف المختلفة، وبالتالي يفقد توازنه النفسي ويميل إما إلَّى العَنّْف والصراخ باستمرار أو الانطواء و. الانسحاب من العزلة الذاتية والاجتماعية وحل هذه المعضلة، وينبغي الثناء على حسنات الطفل عَنّْد تصحيح الأخطاء وعدم المبالغة فِيْ معاقبة الطفل أو إذلاله أمام أخته أو غيره.

برامج خاصة

مع تطور العلوم الحديثة، وخاصة العلوم السلوكية، يتم تطوير البرامج التعليمية لتنمية النمو العقلي للطفل، والتي تعتمد على تنمية قدرة الطفل على أداء العمليات الحسابية، حتى المعقدة منها، وزيادة القدرة على الدراسة.

من ناحية أخرى هناك برامج خاصة للأطفال المصابين بالتوحد حيث يعاني الطفل من قلة الاهتمام بالآخرين ويحتاج إلَّى المساعدة فِيْ تنشيط حواسه وزيادة قدرته على الاستجابة للبيئة المحيطة به، ويجب على الوالدين الانتباه إلَّى الطفل. القدرة على الاستجابة لهم واكتشاف أي نوع من التوحد فِيْ الوقت المناسب ؛ حيث يسهل العلاج فِيْ سن مبكرة من قبل أساتذة متخصصين لمواكبة التطور العقلي لأقرانهم فِيْ نفس العمر.

مسابقات

تظهر مواهب الطفل فِيْ سن مبكرة خاصة مع الاهتمام بالرياضة مما يدفع الوالدين للمشاركة فِيْ مختلف المسابقات ليحصد ابنهم الجوائز. إلا أن هذا الأمر خطير على مستوى بعيد لأن الوالدين يهملون باقي جوانب حياة الطفل من أجل التركيز على التدريب، وهذا يؤثر سلباً على الطفل خاصة من خلال زيادة الضغط العصبي عليه، وهذا سيظهر فِيْ المستقبل عَنّْدما تضعف قدرة الطفل على التركيز فِيْ موضوع واحد لعدة دول وبالتالي يمنع الأطفال من المشاركة فِيْ أي مسابقات حتى سن معينة من أجل الحفاظ على نمو الطفل العقلي ومستقبله.

اتباع النصائح السابقة سيوفر بيئة مناسبة للطفل ؛ من أجل النمو والازدهار فِيْها بسهُولة ويسر وبدون تكاليف باهظة على الوالدين، خاصة عَنّْد اختلاط الطفل بالمجتمع، يجب أن يهتم الآباء بزيارة الأقارب، والسفر لفترة قصيرة إلَّى مكان ما، وزيارة حديقة الحيوان، وما إلَّى ذلك ؛ بهدف مساعدة نمو الطفل العقلي وتزويده بالمعلومات والخبرات الجديدة.