أسباب انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي

أسباب انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي

يعود السقوط إلَّى 25 ديسمبر 1991 م، عَنّْدما أعلن ميخائيل جورباتشوف، رئيس الاتحاد السوفِيْتي، استقالته وسلم كل صلاحياته إلَّى الرئيس الروسي بوريس يلتسين، بعد يوم واحد، عَنّْدما أصدر مجلس السوفِيْات الأعلى الإعلان رقم ح 142. .

أعلن فِيْه استقلال الجمهُوريات السوفِيْتية السابقة وانفصالها عَنّْ روسيا، مؤسس كومنولث الدول المستقلة، واتفق السياسيون على أن أسباب انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي هِيْ

1- العوامل الاقتصادية

تم بناء الاتحاد السوفِيْتي على مشروع محدد. لم تكن الدولة تدير اقتصادها وفق المتغيرات والناس. بدلا من ذلك، حدد ما سيتم إنتاجه، وعدد المنتجات، وسعر كل منتج. لقد حكَمْ كل شيء كبير وصغير حسب ما رآه دون النظر إلَّى قيمة ما أنتجه لشعبه وللعالم.

أدى ذلك إلَّى انخفاض فِيْ العرض مقابل الطلب، والسلع موجودة ولكن لا أحد يشتريها، وهذا يؤدي إلَّى فقدان المال لقيمته، ومشكلة أخرى هِيْ أن الناس كانوا أغنياء، لكنهم لا يجدون المنتجات الأساسية التي يحتاجونها، بل يجدونها. ما لا يحتاجونه.

لأن السلع الأساسية لم يتم إنتاجها لتلبية احتياجات الناس. كَمْا قلنا، فإن الدولة تدير الاقتصاد حسب الخطة ولا تنظر فِيْ احتياجات الناس. كَمْا أن هُوس الدولة بالتنافس مع الآخرين فِيْ سباق الفضاء يزداد حيث أنهم لم يتمكنوا من إصلاح البلاد وسعوا إلَّى إفسادها. اذهب الى الفضاء

نحن نعلم أن تكلفة استكشاف الفضاء باهظة للغاية. لم يكتفوا بذلك وأرادوا التنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية فِيْ سباق تسلح نووي. كان الاتحاد السوفِيْتي، أو بشكل أدق، اتحاد الجمهُوريات الاشتراكية السوفِيْاتية، أول دولة فِيْ العالم تمتلك ترسانة من الأسلحة النووية بصواريخ باليستية عابرة للقارات، وهِيْ أول دولة ترسل رجلاً إلَّى الفضاء.

لم يكن الاتحاد السوفِيْتي ساذجاً فِيْ استخدام كل موارده فِيْ هذه المصانع، بل كان يعتمد على الغاز والنفط، لكن أسعار النفط عالمية، وهنا تكَمْن الأزمة. فِيْ أوائل الثمانينيات، انخفضت أسعار النفط وانهارت، مما أدى إلَّى تدمير الاقتصاد أكثر مما كان عليه.

حاول الرئيس جورباتشوف إصلاحه، لكنه كان أكبر من أن يتم إصلاحه، وفِيْ عام 1990 دمرت الدولة ملايين الناس من خلال تنفِيْذ سياسات الإصلاح، لكنها فشلت أيضًا وكانت العامل الأكبر فِيْ انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي.

2- الروح الوطنية

كان اتحاد الجمهُوريات السوفِيْتية يتألف من 15 جمهُورية، وكان له انتماء وقومية وعقلية ثورية، مما جعلهم يرفضون الإذلال والقمع الذي تعرضت له أوكرانيا خلال المجاعة خلال الحرب العالمية الثانية، وكذلك احتلال أوكرانيا الغربية. ودول البلطيق، هذه الروح القومية جعلتهم يريدون فصل أنفسهم عَنّْ أي شخص لا يدعمهم ويؤيدهم.

3 – الوعود الكاذبة

أراد الرئيس الروسي آنذاك غورباتشوف إصلاح البلاد، لكن سياساته لم تكن واضحة بما فِيْه الكفاية ولم يترك المحافظون أنفسهم ينتظرون طويلاً لانقلاب فاشل، وبعد فترة وجيزة استقال الرئيس وسلم السلطة إلَّى الرئيس الروسي بوريس. . .

4- علم الاجتماع السياسي

كانت الأيديولوجيا، أو علم الأفكار، هِيْ سياسة الرئيس السوفِيْتي غورباتشوف وكانت السبب الرئيسي لانهِيْار الاتحاد السوفِيْتي. لأن سياسته تسمح للناس بالتعبير عَنّْ آرائهم وأخذ الحرية الكاملة، فإن المشكلة ليست فِيْ ذلك، ولكن أولئك الذين حصلوا على تلك الحرية.

الأشخاص الذين منحهم الرئيس الحرية هم الأشخاص الذين حكَمْهم نظام قمعي منذ عقود ولا يمكنهم قول كلمة واحدة عَنّْها، حتى الأسئلة كانت ممنوعة فِيْ ذلك الوقت وخطاب الناس دون قيود جعلهم يريدون الإطاحة الرئيس الذي أعطاهم حرية التعبير.

5- الضغوط الداخلية

وأكد جورباتشوف أن عملية الإصلاح، وإن لم تكن فعالة كَمْا ينبغي، إلا أن إيقافها سيجعل الوضع أسوأ. إلا أن القوى المناوئة له لم تستمع إليه واستغل الغرب هذا التفكك وأطلق أبواق إعلامية لتحريض الناس على رئيسهم واستغلال القومية الشعبية والحب لوطنهم.

أرادت دول أوروبا الشرقية أن يختلط الاتحاد معهم. كان أحد مبادئ مشروع الاتحاد السوفِيْتي هُو الحفاظ على الهُوية والثقافة المحلية بكل الوسائل. أما بالنسبة لأوروبا، فقد دفعت بالتيار القومي والكنيسة للانفتاح على الغرب.

6- عقد جورباتشوف

اقترح الرئيس معاهدة الاستفتاء فِيْ مارس 1991 م، والتي كانت السبب الرئيسي لانهِيْار الاتحاد السوفِيْتي. نصت المعاهدة على إنشاء فِيْدرالية ديمقراطية ذات سيادة مقسمة إلَّى جمهُوريات، مع إعطاء الدولة سلطة خاصة للدولة.

كَمْا اقترح غورباتشوف أن تحتفظ كل جمهُورية بالحق فِيْ معالجة قضايا تنميتها وضمان حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويجب أن يكون لكل جمهُورية الحق فِيْ إقامة علاقات اقتصادية مع أي دولة أجنبية تريدها وإبرام المعاهدات كَمْا تشاء. . بشرط ألا يضر بدول الاتحاد.

كَمْا قال إن للجمهُوريات الحق فِيْ مغادرة الاتحاد متى شاءت، وقد حددت هذه المعاهدة مصير الاتحاد وكانت النتيجة مشاركة تسع جمهُوريات فقط فِيْ التصويت، ووافق 77٪ على الاحتفاظ بالاتحاد وعدم حله. ولكن الدول التي امتنعت عَنّْ التصويت أشعلت الفتيل فِيْما بعد.

7- دور السياسة

وهذا السبب ليس أقل من أسباب انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي السابق الذي جعل الدولة أضعف من الضعف. لقد فقد مكانة الاتحاد السوفِيْاتي العظيمة بإلغاء النص الدستوري الذي يعطي الدور القيادي للحزب الشيوعي. وقد أتاح إلغاء النص لغورباتشوف التعددية السياسية، أي إعطاء أكثر من سلطة ومنع الحق فِيْ قيادة البلاد.

كان الانهِيْار مرتبطا بضغوط وتوتر دائم لسباق التسلح النووي مع أمريكا حتى فرضت الولايات المتحدة حصارا على الاتحاد، مما أجبره على الانخراط أكثر فأكثر فِيْ سباق التسلح النووي لاستنزاف قوته وتدمير دولته.

8- قلة الثقة بالدولة

الحرية التي منحها الرئيس الروسي غورباتشوف للشعب ليست السبب الوحيد لقوميتهم وثورتهم، بل تفاقم الضائقة الاقتصادية والشعور السائد بأن الانتماء إلَّى الدولة السوفِيْتية أصبح عارًا، وليس ميزة، ولا حتى أمنًا ؛ ما كانت تفتخر به لم يعد موجودًا، لأن هذا أيضًا أحد أسباب انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي.

قبل انهِيْار الاتحاد السوفِيْتي

هناك ثلاثة يمكن تمييزها ؛ مشروع ونظام واتحاد لكل منهما نسبة “سوفِيْتية”. إذا قال أحدهم المشروع السوفِيْيتي، فهذا يعَنّْي مشروعًا اجتماعيًا وُلد فِيْ أوراسيا، وهُو المجتمع الأساسي لروسيا. الهدف من هذا المشروع هُو الإجابة على جميع أسئلة الحياة فِيْ إجابة من شأنها أن تعمل من أجل الفرد وتقنعهم بالمضي قدمًا بأنفسهم وبلدهم.

ونتيجة لذلك، تشكلت دولة الرفاهِيْة فِيْ الغرب، وانهار النظام الاستعماري، وساعدت فِيْ زيادة الوعي بالحضارات الآسيوية الحديثة، وفِيْ 25 أكتوبر 1917، اندلعت ثورة فِيْ روسيا، أطلق عليها اسم أكتوبر العظيم. الثورة الاشتراكية من نفس العام.

دعمت إنجلترا وفرنسا روسيا وأنشأتا إمبراطوريتها فِيْ عام 1914. أدرك حكام إنجلترا وفرنسا أن النظام القيصري فِيْ روسيا فقد السيطرة وخافوا من تحالف القيصر مع ألمانيا. أما بالنسبة للنظام السوفِيْيتي، فهُو نظام حياة للبلد كله من حيث الاقتصاد والتغذية والصحة، وهُو أحد أهداف المشروع السوفِيْتي.

وقد فتح هذا الطريق أمام إنشاء الاتحاد فِيْ وقت لاحق. تم تشكيل اتحاد الجمهُوريات السوفِيْتية، المكون من عشر جمهُوريات تتمتع بالحكَمْ الذاتي، والتي اتخذت روسيا عاصمة لها. عَنّْدما وجد اتحاد الجمهُوريات أن الدولة الروسية محطمة ومدمرة، أُعلن أن روسيا هِيْ الوريث الشرعي للاتحاد ورئيسه.

حتى لا تتمكن إنجلترا وفرنسا وألمانيا من الاستفادة من الوضع الروسي المنهار، قاموا بتشكيل الاتحاد السوفِيْتي من خلال توحيد أربع من الجمهُوريات العشر، وهِيْ روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا والقوقاز.

دول مستقلة عَنّْ الاتحاد السوفِيْتي

بعد إعلان استقلال الجمهُوريات انقسمت الدول المستقلة إلَّى أربع مجموعات جغرافِيْا، وهِيْ

  • مجموعة القوقاز أرمينيا وجورجيا وأذربيجان.
  • مجموعة بحر البلطيق ليتوانيا ولاتفِيْا وإستونيا.
  • مجموعة آسيا الوسطى كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وتركَمْانستان وطاجيكستان.
  • مجموعة أوروبا الشرقية روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا.

يمكن تصنيف هذه البلدان وفقًا للثقافة. مجموعة أوروبا الشرقية هِيْ مجموعة سلافِيْة باستثناء مولدوفا، وتضم المجموعة الإسلامية أذربيجان وآسيا الوسطى، كَمْا أن دول الجمهُورية بها أقليات يهُودية والمسيحية متنوعة.