معلومات ثقافِيْة تاريخية مهمة حول البوسنة والهرسك بقلم فرج الظفِيْري

الدولة التي نتحدث عَنّْها فِيْ هذا المقال هِيْ دولة أوروبية فِيْ شبه جزيرة البلقان. لا شك أنك سمعت الكثير عَنّْ هذا البلد، لكن ما كانت تبحث عَنّْه لم يكن لطيفًا لأنه قتل ودمار وتشريد وتجويع وخوف وذعر .. إنها جمهُورية البوسنة والهرسك.

فِيْ زمن الدولة الأموية، وصل الإسلام إلَّى حوض الفولجا فِيْ آسيا، وتحولت مجموعات من السكان والسلاف إلَّى الإسلام، وفِيْ القرن السادس هاجروا إلَّى شبه جزيرة البلقان فِيْ أوروبا وأقاموا دولة لهم هناك، واستمدوا منها اسم من النهر الذي يتدفق فِيْه نهر البوسنا، بينما سميت منطقة الهرسك على اسم الحاكَمْ “هرتسق مستبان” بعد إسلامه وكان هناك مسلمون قبل الفتح العثماني، لكن الفتح العثماني للبلقان أثر بشكل كبير زيادة أعدادهم حتى تساوى المسلمون نصف عدد السكان الذين تجاوزوا أربعة ملايين ونصف المليون نسمة.

فضاء

حسب آخر الإحصائيات فإن منطقة البوسنة والهرسك (51.129 كَمْ 2) محاطة من الشمال والغرب بـ كرواتيا ومن الشرق والجنوب يوغوسلافِيْا الجديدة (صربيا والجبل الأسود) ولها ساحل على البحر الأدرياتيكي البحر فِيْ الجنوب الغربي بطول 22 كَمْ والجزء الجنوبي صخري جبلي تتخلله بعض السهُول الزراعية.

مقتل لازار أمير صربيا

بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت البوسنة والهرسك جزءًا من يوغوسلافِيْا، وفِيْ عام 1989 م، مرت 600 عام على هزيمة الصرب على يد الجيش العثماني وقتل “لازار أمير الصرب” الزعيم الصربي سلودان ميلوسيفِيْتش أزال عظام لازار من قبره، ووضعها فِيْ تابوت وأمر بتطويق يوغوسلافِيْا، خاصة فِيْ المناطق التي يسكنها الصرب، لتذكيرهم بهزيمتهم قبل 600 عام ولغرس فِيْهم الكراهِيْة السوداء للمسلمين فِيْ جميع أنحاء يوغوسلافِيْا المنهارة. وأدت الكراهِيْة إلَّى مظاهرات تطالب بالثأر، وهكذا بدأت مأساة المسلمين هناك.

وعَنّْدما أعلنت البوسنة والهرسك استقلالها عَنّْ يوغوسلافِيْا السابقة فِيْ عام 1992، عارض الصرب ذلك الاستقلال بشدة، وأتيحت لهم فرصة الانتقام من خلال مداهمة مدنها وقراها وشن حملة إبادة جماعية بمهارة وكراهِيْة، وحرق المساجد والمدارس. والمؤسسات الإسلامية.

ورفعت راية الجهاد، فارتفع المسلمون هناك للدفاع عَنّْ دينهم وعرضهم ووطنهم … وساعدهم إخوانهم المسلمون من جميع أنحاء العالم … وكان للمسلمين العرب دور كبير، كالتضحية بأرواحهم وأموالهم فِيْ سبيل إخوانهم المسلمين وسقط الكثير منهم فِيْ ساحات الجهاد، وحافظ البوسنيون على هذا الموقف الشجاع تجاه العرب المسلمين، مما يدل على ترَابِطْ المسلمين مهما اختلفوا. الدول. واللغات. ولا عجب أن يتقن كثير من البوسنيين اللغة العربية لارتباطها بالقرآن الكريم، كَمْا فتحت جامعات الدول العربية والإسلامية أبوابها لأبناء البوسنة لاكتساب المعرفة داخل حدودها.

عاصمة البوسنة والهرسك

أحرق الجيش النمساوي بقيادة الأمير يوجين عاصمة الجمهُورية سراييفو عام 1697 م بعد هزيمة العثمانيين فِيْ صراعهم الطويل مع النمسا، ومن خلال الموقع الرسميك بدأت شرارة الحرب العالمية الأولى عَنّْدما بدأ ولي العهد النمساوي فرانز فرديناند. وزوجته قتلا على يد صربي.

أما اليوم … فقد بدأت الحياة فِيْ سراييفو، والسيارات تتجول وعاد الترام إلَّى الحركة. الذي يربط بين أطراف المدينة وأشهرها جسر سعاد الذي كان يسمى سابقًا كوزيا شوبري، ويعود سبب هذا التصنيف إلَّى الخامس من أبريل عام 1992 م، عَنّْدما ارتكب الصرب مذبحة شنيعة فِيْ هذا الجسر، عَنّْدما سار الآلاف من سكان سراييفو بسلام ولقيهم الصرب البغيضون بالرصاص، وكانت الضحية الأولى طالبة طب فِيْ سعاد. سقطت ميتة على الجسر. سراييفو مشهُورة. تمامًا مثل المدن الأخرى فِيْ البلاد. بمآذن رشيقة شاهقة الارتفاع ومن بين مساجدها مسجد محمد علي وبين مدن البوسنة وتوزلا وزينيكا وموستار عاصمة الهرسك وفِيْشوغراد. وتوجد فِيْ الجمهُورية جامعتان، جامعة سراييفو تأسست عام 1949 م، وجامعة موستار التي تأسست عام 1977 م.

فِيْ الختام، هذه الرحلة ليست سياحة على الورق، بل هِيْ تذكير بالبوسنة والهرسك ومآسيها ووحشية الصرب وكراهِيْتهم المدفونة للإسلام والمسلمين.