كَيْفَ يؤثر ترتيب الطفل داخل أسرته على تكوين شخصيته

إن ترتيب الطفل داخل الأسرة له علاقة كبيرة بتكوين شخصيته وربما يكون العامل الأكبر الذي يفوق تأثيره تأثير العوامل الأخرى مثل العامل الوراثي وغيرها. من الطبيعي أن يكون الأخوة فِيْ نفس العائلة مختلفِيْن جدًا فِيْ شخصيتهم وخصائصهم الشخصية، لأن ليس لديهم نفس الأم والأب ؛ بمعَنّْى آخر، يعامل الآباء كل طفل بشكل مختلف عَنّْ الآخرين. عادة ما تتشكل صورة معينة فِيْ أذهان آباء كل من أبنائهم، حيث يتخيلون الطفل الأكبر كقائد جاد والطفل الأصغر بشخصية مدللة وغير مبالية وما شابه. وبالتالي، يعطي الآباء لكل من أطفالهم دورًا مختلفًا ولا يعاملونهم بنفس الطريقة. تعرف علينا من خلال سطور هذا المقال عَنّْ تأثير ترتيب الطفل وأهم الصفات التي تميز الطفل الأكبر والأوسط والأصغر وأسباب امتلاكهم لهذه الخصائص.

ترتيب الطفل فِيْ الأسرة

من الواضح أن وضع الطفل فِيْ أسرة يؤثر على سمات شخصيته. نرى بأنفسنا مدى اختلاف شخصية الابن الأكبر والأوسط والأصغر ؛ حتى أننا نلاحظ بعض الميزات التي تميز كل منها، ويتفق جميع الأطفال على ذلك. على الرغم من أن البيئة المحيطة بالطفل وطبيعة نشأته تتشكل جزءًا كبيرًا من سمات الشخصية، إلا أن جميع الآباء يلاحظون فرقًا كبيرًا بين أطفالهم ؛ على الرغم من أنه ولد من نفس الرحم ونشأ فِيْ نفس البيئة ؛ هذا، بالطبع، يعيدنا إلَّى ما نتحدث عَنّْه، أي ترتيب الطفل داخل عائلته. الأبوة والأمومة تسهل على الوالدين التعرف على السمات الشخصية السائدة فِيْ كل طفل فِيْ الأسرة وفقًا لترتيبهم، حيث أنه من المهم أخذ ذلك فِيْ الاعتبار وعدم الالتزام بطريقة واحدة فِيْ التعليم والسلوك.

الفروق التربوية بين الأطفال

لقد ناقشنا سابقًا الاختلافات فِيْ الشخصية الأبوية لكل طفل داخل الأسرة، مما يجعل كل طفل يتمتع بشخصية وخصائص مختلفة تميزه عَنّْ الأشقاء الآخرين. فِيْ المستقبل سنتحدث عَنّْ أهم الفروق التربوية التي لها تأثير كبير فِيْ تكوين الشخصية حسب ترتيب الطفل داخل الأسرة. هذه الاختلافات هِيْ كَمْا يلي

  • يحظى الطفل الأكبر سنًا باهتمام والديه أكثر من إخوته الآخرين. عادة ما يعاني الآباء من حالة توتر وتوقع عَنّْد التعامل مع ابنهم الأكبر، لأنه مجال تجاربهم الأولى. حتى لو كان الوالدان حذرين بشأن الأشقاء الآخرين، فإن الخوف والقلق سيختفِيْان تمامًا من قلوبهم ولن يكون هناك المزيد من التوقعات.
  • يتركز معظم اهتمام الوالدين بتفاصيل حياة الطفل فقط على الطفل الأكبر سنًا حيث يوجد وقت كاف للسماح بذلك، إلا عَنّْدما تتزايد المسؤوليات ويوجد أكثر من طفل واحد يحتاج إلَّى رعاية، فهذا ليس هُو الحال. منح الآباء الفرصة لاستكشاف كل التفاصيل.
  • عادة ما تكون تربية الأشقاء الأكبر سناً حكيمة وهادئة، لأن الآباء يدركون أن الأشياء الصغيرة لا تسبب مشاكل كبيرة. على سبيل المثال، إذا وقع طفل أكبر سنًا على الأرض وأصيب بكدمة أو خدش، فإن الأم ستركض إليه كَمْا لو أن حادثًا ما قد وقع. يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على تكوين وتشكيل شخصية الطفل. لكن عَنّْدما نتعامل مع إخوة آخرين، نجد أن هذه أمور طبيعية يجب أن نتجاوزها.

شخصية الابن الأكبر

يؤثر ترتيب المولود الأول فِيْ تكوين شخصيته، حيث يتمتع بالعديد من الصفات التي يفتقر إليها أشقاؤه فِيْ كثير من الأحيان. ومن أهم هذه الميزات ما يلي

  • نزعة دائمة نحو المثالية وحب الكَمْال على جميع المستويات، والذي ينبع من اهتمام الوالدين الكبير بها، حيث إنها تجربتهم الأولى مع التعليم. لذلك يهتم الآباء بشدة بأدق التفاصيل التربوية، سواء كانت التربية البدنية أو النفسية. كَمْا أن تربية الطفل الأكبر سنًا هِيْ مزيج من التجربة والخطأ والتشبث بالمثالية، والتي غالبًا ما تقوم على استخدام الكتب التعليمية الممتدة.
  • حب امتلاكه والحصول على مزيد من الاهتمام فِيْ جميع مراحل حياته. وذلك لأنه يقضي الفترة الأولى من حياته بمفرده مع والديه ويحظى بمعظم انتباههما ووقتهما. يمكن أن يؤدي هذا أيضًا إلَّى ارتباط قوي بالوالدين، وخاصة بالأم.
  • القيادة التي تتحكَمْ به لأنه يشعر أنه أكبر إخوته، وأنه يلعب دور المرشد والقائد. يمكن للوالدين مساعدة ابنهم فِيْ تقوية هذه الصفة أو العكس، لأنها تعتمد على طريقة التربية وكَيْفَِيْة معاملة الأبناء فِيْ المنزل. عادة ما تؤدي هذه الصفة إلَّى حب الابن الأكبر للسيطرة على إخوته ورعايتهم، بحيث يحتاجون باستمرار إلَّى مساعدته ومساعدته منه.
  • حب النجاح والنظام والكَمْال فِيْ جميع مناحي الحياة، وأهمها المجال الأكاديمي، سعياً ليكون مثالياً كَمْا كان عليه الحال منذ الصغر.
  • الحكَمْة والشعور بالمسئولية، فهُو يولد لعائلة من الكبار ولا يوجد من حوله أطفال آخرون، لذلك فهُو يتصرف مثل الكبار ويشعر دائمًا بأنهم مثلهم.
  • إحساس بالمسئولية تجاه من حوله وخاصة إخوته الصغار، لأن والديه لديهم توقعات عالية ويتوقعون منه الكثير. وبالتالي، يحاول الطفل الأكبر سنًا دائمًا كسب ثقة والديه ومن حوله ومنحهم الشعور بأنه يمكن الاعتماد عليه وتكليفه بمزيد من المهام. وغالبًا ما تظل هذه الصفة مرتبطة بالأخ الأكبر، لذلك دائمًا ما يختار مجالات الدراسة أو العمل التي تتطلب تحمل الكثير من المسؤوليات.
  • الشعور بنقص اهتمام الوالدين فِيْ وقت ما، كَمْا هُو الحال عَنّْد وصول الأخ الأصغر. هنا يكتشف الطفل أنه لم يعد يجلس وحيدًا على عرشه وأن هناك من يشاركه مكانه. ولهذا يمر بفترة من عدم الاستقرار تنعكس عليه فِيْ سلوك غريب مثل محاولة لفت الانتباه بالبكاء والنحيب ورفع صوته وتقليد أخيه الأصغر فِيْ كل شيء وعَنّْاد والديه … إلخ.
  • صورة الابن الأوسط فِيْ ترتيب الطفل

    يؤثر ترتيب الطفل الأوسط فِيْ عائلته على سمات شخصيته. عادة ما تتميز ببعض الخصائص التي نسردها على النحو التالي

  • لا يجتهد فِيْ الكَمْال كَمْا يفعل الطفل الأكبر، لأن والديه اكتسبوا الخبرة الكافِيْة فِيْ التعامل مع الأخ الأكبر، وبالتالي لا يجتهدون فِيْ الدقة فِيْ التعامل معه، ويقسم وقتهم بين الطفلين، والطفل الأوسط لا يحصل على الوقت والاهتمام اللذين أصبحا أماً لأخ أكبر.
  • يحاول إرضاء من حوله لأنه لا يحظى بالاهتمام والاهتمام اللذين يتمتع بهما شقيقه الأكبر، ويرى أنه من خلال إرضاء من حوله، فإنه يحصل على الاهتمام الذي يفتقر إليه.
  • شعور دائم بالإهمال والإهمال من قبل والديه ومن حوله، لأنه يرى أن للأخ الأكبر مكانة خاصة وكذلك الأخ الأصغر، ولا يجد شيئًا يجعله مختلفًا. يدفع هذا الشعور الطفل الأوسط إلَّى تكوين مجموعات من الأصدقاء ومحاولة التميز وإثبات نفسه فِيْهم.
  • ميل دائم للثورة، لقلة العديد من احتياجاته النفسية. هذا يجعله نوعًا من التمرد على والديه وجميع أفراد أسرته ويقاومهم بعَنّْاد وهُو مصمم على تكوين مجموعة من الأصدقاء حتى لو لم يكن أفراد الأسرة سعداء بذلك.
  • الشعور بالسيطرة على الأخ الأكبر وضرورة أن يكون الأب الثاني فِيْ المنزل.
  • التعاون بطريقة قد تفوق تلك الخاصة بالأخ الأكبر الذي كان يعيش ويلعب بمفرده لفترة من الزمن، رغم أن الطفل الأوسط يحتفظ بشخصية تنافسية طوال حياته ويسعى جاهداً لإثبات نفسه.
  • الاهتمام بأفكار مثل العدل والإنصاف، لأنه غالبًا ما يفتقر إليها ولا يشعر بوجوده فِيْ الأسرة.
  • يكتسب الطفل الأوسط نفس سمات الشخصية التي يتمتع بها الطفل الأكبر سنًا إذا حاول الوالدان منحهما نفس الاهتمام والوقت كَمْا فعلوا من طفلهم الأول والطريقة التي يربونه بها تؤثر بشكل كبير على تكوين شخصيته. الطفل الأوسط ليس بالضرورة مختلفًا تمامًا عَنّْ أخيه الأكبر من حيث طريقة الأبوة التي يتبعها والديه.
  • تميل مهارات الأطفال الأوسط إلَّى الظهُور لاحقًا فِيْ الحياة، على الرغم من أن هذه المهارات تؤهلهم للعمل فِيْ المجالات التي تتطلب التفاوض والمرونة والتحكَمْ. ثم يحصل على ما يحتاج إليه.
  • صفات الابن الأصغر

    الطفل الأصغر لديه سمات شخصية تهِيْمن عليه بسبب أسلوب الأبوة والأمومة الذي يختلف عادةً عَنّْ أسلوب إخوته الأكبر سناً. ومن أهم سمات الشخصية هذه

  • يبحث عَنّْ مزيد من الاستقلالية والحرية ومساحة شخصية كافِيْة، لأنه غالبًا ما اعتاد على ذلك منذ الطفولة بسبب طريقة معاملة والديه له، مما يمنحه هذه المساحة.
  • عدم اتباع نفس القواعد التي يتبعها إخوته الكبار، وعدم اتباع أي منهم، فهُو طفل مدلل غير مسئول عَنّْ أخطائه وله أن يفعل ما يشاء. وبنفس الطريقة، يمكن أن يكون الآباء مرهقين فِيْ تعليم الأشقاء الأكبر سنًا، وقد أصبحوا متقلبين فِيْ أساليب التعليم، ويمكن أن يكون لعامل العمر تأثير أيضًا، والذي – مع تقدم العمر – لا يسمح لهم بالتركيز بقوة على كل التفاصيل.
  • اجتماعية، تكره العزلة، حب اللقاءات والحفلات والخروج كثيرًا.
  • يحاول لفت انتباه الآخرين ويشعر بالامتياز أمام إخوته لأنه دائمًا ما يكون مركز اهتمام والديه داخل المنزل.
  • حب الممتلكات والأنانية، التي يتوقف مصيرها على طريقة تربية والديه، لأنهما عادة ما يجبرانه على التعود على كل ما يريد وعدم رفض طلبه. يمكنه حتى الكذب والتلاعب بالآخرين للحصول على ما يريد.
  • القدرة على جذب انتباه الناس من حولك وكسب حبهم لأنه يتمتع بشخصية فريدة ساحرة ومحببة.
  • الشعور بالأمن والأمان لأنه يحظى بمكانة خاصة باعتباره الابن الأكبر. لذلك، قد تكون هناك خصائص مشتركة بينهما.
  • يحب الدراسة والعمل فِيْ المجالات الترفِيْهِيْة التي لا تتطلب الكثير من الجهد، لأنه معتاد على عدم تحمل مسؤوليات كبيرة، وبالتالي لا يمكنه العمل إلا فِيْ المناطق الحرة.
  • صفات الابن الوحيد

    لا نتحدث هنا عَنّْ ترتيب الطفل داخل الأسرة، لكننا نتحدث عَنّْ أهم خصائص الشخصية التي تميز الابن الوحيد، وهِيْ

  • يتمتع بنفس صفات الابن الأكبر، فقد نشأ محاطًا بالكبار الذين يقلدهم منذ الصغر، بالإضافة إلَّى تفوقهم على أقرانه وتجاوزهم، فهُو شخص ناضج، يتحدث بإبداع، ويعرف ما يقول ويفعل.
  • يتمتع بذكاء فردي والعديد من المهارات الفائقة فِيْ مختلف المجالات، فهُو لا يعاني من وجود أخ آخر، ولكن يظل اهتمام والديه مركزًا عليه فِيْ جميع الأوقات.
  • الثقة بالنفس والشعور بالاستقلالية، لأنه يقضي معظم وقته بمفرده.
  • التمتع ببعض السمات الشخصية التي يتمتع بها الطفل الأصغر لأن له نفس المكانة تقريبًا فِيْ الأسرة.
  • هذه هِيْ أهم الفروق الفردية التي تنتج عَنّْ ترتيب الطفل داخل عائلته. فِيْ الختام، نلاحظ أنه ليس من الضروري أن يكون لبعض الأطفال صفات سيئة بسبب ترتيبهم، ولكن يمكن منع ذلك من خلال التحكَمْ الجيد فِيْ طريقة التعليم وتوحيدها على جميع الأطفال. للقيام بذلك، يكفِيْ معرفة طرق التربية الجيدة والسيئة والتمييز بينهما.